منتدى طاطا
السلام عليكم أيها الزائر أيتها الزائرة نتشرف بدعوتكم للإنضمام إلينا والتسجيل في هدا المنتدى الجميل وشكرا منتدى طاطا يرحب بكم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى طاطا
السلام عليكم أيها الزائر أيتها الزائرة نتشرف بدعوتكم للإنضمام إلينا والتسجيل في هدا المنتدى الجميل وشكرا منتدى طاطا يرحب بكم
منتدى طاطا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

القرآن هو المصدر الاول للتشريع

اذهب الى الأسفل

القرآن هو المصدر الاول للتشريع Empty القرآن هو المصدر الاول للتشريع

مُساهمة من طرف Fatima الخميس مارس 10 2011, 20:49

القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع
قال تعالى: ] إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلاَ تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ(44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(45)وَقَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَءَاتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ(46)وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(47)وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا ءَاتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(48)وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ(49)أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(50)[[المائدة].
العدل هو الغاية من تنزيل الكتب السماوية :
] كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً(213)[[البقرة] (( أي وُجِدُوا أُمَّةً واحدةً، تَتَّحِدُ مقاصدُها ومطالبُها وَوِجْهَتُها لتُصْلحَ ولا تُفْسِد، وتُحْسِنَ ولا تُسيء، وتعدِلَ ولا تَظْلم، أي: ما وُجِدُوا إِلاَّ ليكونوا كذلك، ولكنَّهم اختلفوا، كما قال في الآية الأخرى: ] وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا(19)[[يونس] أي انْحرَفوا عن الاتِّحادِ والاتِّفاق الَّذي يُثْمِرُ كلَّ خيْرٍ لهم وسعادة، إلى الاختلافِ والشِّقاقِ المُسْتَتْبِعِ للفسادِ وهلاكِ الحرْثِ والنَّسْل))([1]).
((عنِ ابنِ عبَّاسٍ قال: كان بيْنَ نوحٍ وآدمَ عشْرةُ قرونٍ كلُّهم على شريعةٍ من الحق، فاختلفوا فبعث اللهُ النَّبيِّين مُبشِّرين ومُنْذرين))(2). (( أي مُبَشِّرينَ لمنْ آمنَ وأطاع، ومُنْذرينَ لمنْ كفرَ وَعَصَى، ]وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ(213)[[البقرة] أي كلامَهُ الجامعَ لِمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ فِي بَابِ الدِّينِ علَى الاسْتِقَامَةِ وَالْهِدَايَةِ التَّامةِ لِكَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا]بِالْحَقِّ[ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوه ]لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ[ مِنَ الاعْتِقادَاتِ وَالأعْمَالِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَبْلَ ذَلَكَ أُمَّةً وَاحِدَة))(3).
وقال تعالى: ] لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ(25)[[الحديد]، قال السَّعْدِيُّ: (( يقول تعالى: ] لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ[ وهي الأدلَّةُ والشواهدُ والعلاماتُ الدَّالةُ على صِدْقِ ما جاءوا به وأحقيَّتِه،] وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ[ وهو اسمُ جنْسٍ يشمل سائرَ الكتُبِ التي أنزلها اللهُ لهدايةِ الخلق وإرْشادِهم إلى ما ينْفعُهم في دينِهم ودُنياهم،] وَالْمِيزَانَ[ وهو العدْلُ في الأقوال والأفعال. والدِّينُ الذي جاءت به الرُّسُلُ كلُّه عدلٌ وقِسْطٌ في الأوامرِ والنَّواهي، وفي معاملات الخَلْق، وفي الجنايات والقصاص والحدود والمواريثِ وغيرِ ذلك، وذلك ] لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ[ قيامًا بدين الله، وتحصيلاً لمصالحهم التي لا يمكنُ حصرُها وعدُّها، وهذا دليلٌ على أَنَّ الرُّسُلَ مُتَّفِقُّون في قاعدةِ الشَّرْعِ وهي القيامُ بالقِسْط، وإِنْ اختلفتْ صُوَرُ العدْلِ بحسبِ الأزْمنَةِ والأحوال))([2]) ، ولذا قال تعالى في آيات المائدة التي معنا: ] لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا(48)[ فالدِّينُ واحد، والشَّريعةُ مُختلِفةٌ باختلافِ الأزْمنَةِ والأمْكنَة، تحقيقًا لمصالح الكلِّ، فقد يكونُ الشيءُ حلالاً فيحرمُ على قوْم، وقد يكونُ حرامًا فيحلُّ لقوم، والمقصودُ واحدٌ هو إقامةُ الحقِّ والعدل.
هذا هو الهدفُ الأسْمَى من الكتُبِ السَّماويَّةِ كلِّها] لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ[ وَلَمَّا كانت التَّوراةُ أشرفَ الكتُبِ السَّابقة، يليها الإنجيل، ثُمَّ كان القرآنُ الكريمُ أشرفَ الكتُبِ على الإطلاق، فقد خُصَّتْ هذه الثَّلاثةُ وأهلُها بالذِّكْرِ في آيات المائدة
حث اليهود على الحكم بالتوراة :
] إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ[(( أي: إِنَّا نحنُ أنزلنا التَّوراةَ على موسى مشتملةً على هدىً في العقائدِ والأحكامِ خرج بها بنو إسرائيل من وثنيَّةِ المِصْريِّينَ وضلالِهم، ] يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا[ أي أنزلناها قانونًا للأحكام، يحكم بها النَّبيُّون موسى ومَنْ بعده من أنْبياءْ بني إسرائيلَ طائفةً من الزمان، انتهت ببِعْثَةِ عيسى بنِ مريمَ عليه السلام، وهمُ الذين أسلموا وجوهَم لله مخلصين له الدِّين على ملَِّةِ إبراهيم، عليهم الصلاة والسلام، فالإسلامُ دينُ الجميع، وكُلُّ ما استحدثه اليهودُ والنصارى من أسباب التَّفرُّقِ في الدِّين فهو باطلٌ وضلالٌ مبين، وإِنَّمَا يحكمون بالتوراةِ لِلَّذين هادوا أي اليهودِ خاصة، ويحكم بها بعدَهم الرَّبانِيُّون والأحبارُ وهم العلماءُ الرَّبانيُّون الَّذين يتعلَّمون ويعْمَلون ويُعلِّمون))([3]).
وقوله تعالى: ] بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ[ (( أي بسبب الذي اسْتُودَعُوهُ من كتاب الله ،بأَنْ يحفظوه من التَّغْيير والتَّبْديلِ، وأَنْ يقْضُوا بأحكامه، ]وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ[ أي رُقباءَ يَحْمُونه من أَنْ يحومَ حوْلَهُ التَّغييرُ والتَّبْديلُ بوجْهٍ من الوجوه))([4])، وَلَكِنَّ الْخَلَفَ غَيَّرُوا وَبَدَّلُوا ، وَمِمَّا غيَّروه حَدُّ الزَّاني المُحْصَن، وهو الرَّجْمُ فحرَّفوه واصْطلَحوا فيما بَيْنَهُم على الْجَلْدِ مئةَ جلدةٍ، والتَّحْميمِ والإركابِ على حِماريْنِ مقْلوبيْن ، وممَّا غيَّروه أيضًا القِصاص،فإنَّه عندهم في نصِّ التَّوْراةِ أنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ، وهم يُخالفون ذلك عمْدًا وعِنادًا، ويَقيدونَ النَّضَرِيَّ من القُرَظِيِّ، ولا يَقيدونَ القُرَظِيَّ من النَّضَرِيِّ، بل يعْدِلُون إلى الدِّية ، فلمَّا غَيَّرُوا وَبَدَّلُوا ، حَكَمَ اللهُ عليهم بالكفرِ والظلم ، فقال تعالى : ] وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[ ، وقال تعالى : ] وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[ .
قال ابنُ كثير: ((وإِنَّمَا قال في الرَّجْمِ ]الْكَافِرُونَ[ لأَنَّهم جحدوا حُكْمَ الله قصدًا منهم وعِنادًا وعَمدًا، وقال في القِصاص: ] الظَّالِمُونَ[ لأَنَّهم لم يُنْصِفُوا المظلومَ من الظالم الَّذي أمر اللهُ بالعدل والتسوية بين الجميع فيه، فخالفوا وظلموا وتعدوا بعضهم على بعض))(2).
حث النصارى على الحكم بالإنجيل :
ولَمَّا ذكرَ اللهُ تعالى التَّوراةَ وفَضْلَها وموقِفَ المتأخِّرينَ من أهلها من الحكْم بها، ثنَّى بذِكْرِ الإنجيلِ وفَضْلِه، وما يجبُ على أهلِ الإنجيلِ نَحْوَهُ، فقال تعالى: ]وَقَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَارِهِمْ[ (( أي أتْبَعْنَا أنبياءَ بني إسرائيلَ]بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ[ بأَنْ أرْسلناه عَقِبَهم]مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ[ أي مؤمنًا بها حاكمًا بما فيها]وَءَاتَيْنَاهُ الإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى[ إلى الحق]وَنُورٌ[ أي بيانٌ للأحكام]وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ[أي لِمَا فيها من الأحكام، وتكريرُ ذلك لزيادة التقرير.]وَهُدًى وَمَوْعِظَةً[ أي زاجرًا عن ارتكاب المحارم والمآثم،]لِلْمُتَّقِينَ[ أي لمن اتَّقى اللهَ وخاف وعيدَه وعِقابَه، وتخصيصُ كونهِ هدىً وموعظةً بالمتقين لأَنَّهم المُهْتدون بهداه والمُنْتفعون بجدواه.
ثم أمر الله تعالى أهلَ الإنجيل بالحُكْمِ بما أنزل اللهُ فيه فقال: ]وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ[ومن جُملتهِ دلائلُ رسالةِ النبيِّ محمدٍ r وشواهدُ نُبوَّتِه. قال بعضُ المحقِّقين: وإِنَّمَا خصَّ أهلَ الإنجيلِ بالذِّكرِ لبيانِ أَنَّ الإنجيلَ لم يُنزِّلْهُ اللهُ للأمم كافَّة، وأَنَّ شريعتَه ليست باقيةً لكلِّ زمان، لأَنَّ بِعثتَه r كانت خاصةً ببني إسرائيل. ثُمَّ توعَّد اللهُ المُخالفين الَّذين لا يحكمون بالإنجيلِ فقال تعالى: ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[أي الخارجونَ عن طاعةِ ربِّهم، المائلونَ إلى الباطلِ التاركون للحق))([5]).
حث النبى r على الحكم بالقرآن :
و (( لَمَّا ذَكَرَ تعالى التَّوراةَ التي أنزَلَها على موسى كليمِه وَمَدَحَهَا وأثنى عليها وَأَمَر باتِّباعها حيث كانت سائغةَ الاتباع، وذكر الإنجيلَ وَمَدَحَه وَأَمَر أهلَه بإقامتِه واتِّباع ما فيه، شَرَعَ في ذِكْرِ القرآن العظيم الذي أنزله على عبدِه ورسولِه الكريمِ ، فقال تعالى: ]وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ[أي بالصِّدْقِ الذي لا ريبَ فيه أنَّه من عندِ الله ]مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ[أي من الكتبِ المتقدِّمة المتضمِّنة ذِكْرَه ومَدْحَه، وأنَّه سينزلُ من عندِ اللهِ على عبدِه ورسولهِ محمدٍ r ، فكان نزولُه كما أَخبرتْ به ممَّا زادها صِدْقًا عند حامليها من ذوي البصائر الذين انقادوا لأمرِ الله، واتَّبعوا شرائعَ الله، وصدَّقوا رُسُلَ الله، كما قال تعالى: ] إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107)وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً(108)[[الإسراء]، أي إنْ كان ما وعدَنا اللهُ على ألْسِنَةِ رُسُلِهِ المتقدم من مجيء محمد r ، لمفعولاً أي لكائنًا لا محالةَ ولا بُدَّ، وقولُه تعالى: ]وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ[ أي شهيدًا وحاكمًا فالقرآنُ شاهدُ وحاكمُ على كلِّ كتابٍ قبلَه، جعل اللهُ هذا الكتابَ العظيمَ الذي أنزله آخرَ الكتُبِ وخاتمَها وأشملَها وأعظمَها وأكملَها، حيث جمع فيه محاسنَ ما قبلَه، وزاده من الكمالاتِ ما ليْس في غيره، فلهذا جعله شاهدًا وأمينًا وحاكمًا عليها كلِّها، وتكفَّل تعالى حفظَه بنفسهِ الكريمةِ فقال تعالى: ]إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ(9)[[الحجر]))([6]).
فلا يُمكن أبدًا أَنْ تنالَه الأيدي بالعَبثِ فيه بالتَّغْييرِ أو التَّبْديلِ أو التَّحْريف أو التصحيف، لأَنَّ اللهَ حافِظُه، وقد أمر الله تعالى نبيَّه r بالحُكم بما أنزل عليه في القرآنِ الكريم، ونهاه عن اتِّباعِ أهْواء المغضوبِ عليهم والضَّالين، وكرَّر الأمرَ والنَّهْيَ تأكيدًا، وأمره أَنْ يأخُذَ حِذْرَه منهم، فقال تعالى: ]فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ[ وقال تعالى: ] وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ[.
التوكيد على الحكم بما أنزل الله :
(( وإِنَّ القارئَ لهذه الآيةِ والمُتدبِّرَ لها يتبيَّنُ له أَنَّ الأمْرَ بالتَّحاكُمِ إلى ما أنزل الله أُكِّد بمُؤكَّداتٍ ثمانيةٍ:
الأوَّل: الأمْرُ في قوله تعالى: ] وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ[.
الثاني: أَنْ لا تكونَ أهواءُ النَّاسِ ورَغَباتُهم مانعةً من الحُكمِ به بأيِّ حالٍ من الأحوال، وذلك في قوله ] وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ[.
الثالث: التَّحْذيرُ من عدَمِ تَحكيمِ شَرْعِ الله في القليلِ والكثير، والصَّغيرِ والكبير، لقولهِ تعالى: ] وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ[.
الرابع: أَنَّ التَّولِّي عن حُكْمِ الله وعدمَ قبولِ شيءٍ منه ذَنْبٌ عظيمٌ موجبٌ للعقاب الأليم: ] فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ[.
الخامس: التَّحْذيرُ من الاغْترارِ بكثْرةِ المُعْرضينَ عن حُكمِ الله، فإِنَّ الشَّكورَ من عباد اللهِ قليل، يقولُ تعالى:]وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ[.
السادس: وصفُ الحُكمِ بغَيْرِ ما أنزل اللهُ بأَنَّهُ حُكْمُ الجاهليَّة، يقول سبحانه:]أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ[.
السابع: تقريرُ المعنى العظيمِ بأَنَّ حُكْمَ اللهِ أحسنُ الأحكام وأعدلُها، يقول عزَّ وجلَّ:]وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا[.
الثامن: إِنَّ مقتضى اليقينِ هو العِلْمُ بأَنَّ حُكْمَ اللهِ هو خيْرُ الأحكامِ وأكملُها وأتمُّها وأعدلُها، وأَنَّ الواجبَ الانقيادُ له مع الرضا والتَّسليم، يقول سبحانه: ]وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[.
ولِذَلكَ أجْمَعَ المُسْلِمُونَ على أنَّ الْقُرْآنَ الكريمَ هو الْمَصْدَرُ الأوَّلُ للتَّشْرِيع ، والسُّنَّةَ هي الْمَصْدَرُ الثَّانِي .

فوائد الحكم بما أنزل الله :
وهكذا تبيَّن لنا أَنَّ الحكمَ بما أنزل الله من علاماتِ اليقينِ بتشريعِ ربِّ العالمين، وهذه فائدةٌ من فوائد الحكمِ بما أنزل الله.
ومنها: أَنَّه من صفةِ النَّبيِّين والصِّديقين.
ومنها : أنه يحقق العدل والخير والسعادة ، بل والرضا والاطمئنان النفسي والراحة القلبية ، ذلك أن العبد إذا علم أن الحكم الصادر فى قضية يخاصم فيها ، هو حكم الله الخالق العليم الخبير ، قبل ورضي وسلم ، حتى ولو كان الحكم خلاف ما يهوى ويريد ، بخلاف ما إذا علم أن الحكم صادر من أناس بشر مثله ، لهم أهوائهم وشهواتهم ، فإنه لا يرضي ، ويستمر فى المطالبة والمخاصمة ، فلا ينقطع النزاع ويدوم الخلاف ([7]) .
ومنها: أَنَّه يحفظُ لغيْرِ المسلمين حقوقَهم، لأن العدلَ فى الإسلام لا يُفَرِّقُ بين مُسْلِمٍ وغيرِ مُسْلِمٍ ، ولا بين قريبٍ وبعيد، ولا بين ولىٍّ وعَدُوٍّ، كما قال الله تعالى للنبي rفى حق اليهود: ]فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ[، وقال للمؤمنين ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(Cool [[المائدة].


أمثلة من عدل المسلمين مع غيرهم :
ولقد قامَ المُؤْمِنُونَ بما أمرَهم اللهُ تعالَى به من الحقِّ والعدل، وأعطوْا كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، ولم يفرِّقوا بيْنَ النَّاسِ في ذلك لجنسٍ أو لوْنٍ أو دين:
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيْبِ أَنَّ عَمَرَ بْنَ الخَطابَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ اخْتَصَمَ إلَيْهِ مُسْلِمٌ ويَهُودِي، فَرَأى عَمَرُ أَنَّ الحَقَّ لليَهُودِي فقَضَى لَهُ))([8]).
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ r حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنَّ لَهُ الأَرْضَ، وَكُلَّ صَفْرَاءَ وَبَيْضَاءَ، يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَقَالَ لَهُ أَهْلُ خَيْبَرَ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِالأَرْضِ، فَأَعْطِنَاهَا عَلَى أَنْ نَعْمَلَهَا وَيَكُونَ لَنَا نِصْفُ الثَّمَرَةِ وَلَكُمْ نِصْفُهَا، فَزَعَمَ أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ حِينَ يُصْرَمُ النَّخْلُ بَعَثَ إِلَيْهِمُ ابْنَ رَوَاحَةَ فَحَزَرَ النَّخْلَ، وَهُوَ الَّذِي يَدْعُونَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْخَرْصَ، فَقَالَ: فِي ذَا كَذَا وَكَذَا، فَقَالُوا: أَكْثَرْتَ عَلَيْنَا يَا ابْنَ رَوَاحَةَ، فَقَالَ: فَأَنَا أَحْزِرُ النَّخْلَ وَأُعْطِيكُمْ نِصْفَ الَّذِي قُلْتُ، قَالَ: فَقَالُوا هَذَا الْحَقُّ وَبِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ، فَقَالُوا: قَدْ رَضِينَا أَنْ نَأْخُذَ بِالَّذِي قُلْتَ))(2).
ورُوِيَ أَنَّ يهوديًّا شكا عليًّا إلى عمرَ في خلافتِه رَضِيَ اللهُ عنْهما فقال عمرُ لعليٍّ: قفْ بجوارِ خصمِك يا أبا الحسنِ، فوقفَ وقد عَلا وجهَهُ الغضب، فبعدَ أَنْ قضَى الخليفةُ بيْنَهما بالعدلِ قال: أغضبتَ يا عليُّ أَنْ قلتُ لك قفْ بجوارِ خصمِك؟ قال: لا واللهِ يا أميرَ المؤمنين، ولكنْ من كونِك كنَّيتنِي بأبي الحسن، فخشيتُ من تعظيمِك إيايَ أمامَ اليهودي أَنْ يقولَ ضاعَ العدلُ بيْنَ المسلمين))(3[9]).
هذه أمثلةٌ من قيامِ المسلمينَ بالحقِّ والعدلِ مع غيْرِ المسلمين، (( والأمثلةُ التي وعَاها التَّاريخُ في هذا المجالِ كثيرةٌ مستفيضة، تشهدُ كلُّها بأنَّ هذه الوصايا والفرائضَ الربانيَّةَ قد استحالتْ في حياةِ هذه الأمةِ منهجًا في عالمِ الواقعِ يُؤدَّي ببساطة، ويُتمُّثلُ في يومياتِ الأمةِ المألوفة، إِنَّهَا لم تكنْ مُُثلاً عُليا خياليَّة، ولا نماذجَ فرديَّة، إِنَّمَا كانت طابعَ الحياةِ الَّذي لا يرى النَّاسُ أَنَّ هناك طريقًا آخرَ سواه))(1[10]).
(( وهكذا سبقَ الإسلامُ كلَّ نظمِ العدالةِ الحديثة، حينَ جعلَ العدلَ فوقَ كلِّ شيء، وأمرَ بالوزنِ بالقسطاسِ المستقيمِ بيْنَ الكافرِ والمسلم، والعدوِّ والصَّديق، والموالي والمعاهد، فهو بذلك يستحقُ من جميعِ النَّاس، آمنوا به أم لم يؤمنوا، نظرةً صادقةً منصفة))([11])، تجعلُهم يعترفون بأَنَّ الإسْلامَ دينُ السَّماحةِ والعدل، لا دينَ الإرهابِ والجَّوْر، وأَنَّه لا يجوزُ الحكمُ على الإسْلامِ بتصرفِ بعضِ الأفرادِ الذين خالفوا شريعتَه، وشوَّهوا صورتَه.
عقوبة ترك الحكم بما أنزل الله :
فَلْيَسْعَ كُلُّ المسلمينَ حُكَّامًا ومحْكومينَ إلى الحُكْمِ بما أنزلَ اللهُ ربُّ العالمين، ولْيَحْذَروا كُلَّ الحذَرِ من الذين يُريدون أَنْ يفْتنوهم عن بعْضِ ما أنزل الله، ولْيَعْلموا أَنَّ عدَمَ الحُكْمِ بما أنزل اللهُ ذنْبٌ يوجب العقوبة، كما قال تعالى: ]فَإِنْ تَوَلَّوْا[ يعني عن الحُكْمِ بما أنزل الله]فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ[.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ r فَقَالَ: (( يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ! خَمْسٌ: إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ، لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمِ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا. وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللهُ إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ))([12]).

1- محاسن التأويل(188/6).
2- تفسير القرآن العظيم(250/1).
3- محاسن التأويل(188/6).
[2] 1- تيسير الكريم المنان (301/7).
2- مختصر المنار(138/2).
[4]1- محاسن التأويل(211/6).
2- تفسير القرآن العظيم(61/2).
1- محاسن التأويل(229و230/6).

1- تفسير القرآن العظيم(65/2).
1- وجوب تحكيم شرع الله . ابن باز ( 10 - 14 ).

1- ط (1398/509).
2- حسن صحيح:[ص.د:2910]، د(3393/274/9)، جه(1820/582/1).
3- موارد الظمآن(535و536/2).

1- في ظلال القرآن(668/2).
2- الرسالة الخالدة(84و85 )باختصار وتصرف.

1- حسن : [ ص. جه: 3246 ] ، جه [ 4019 / 1332و 1333/ 2 ] .



Fatima
Fatima
مشرف
مشرف

عدد المساهمات : 168
نقاط : 105037
تاريخ التسجيل : 30/01/2011
الموقع : Tata

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى